فى داخلى فضول قاتل وسؤال مؤرّق لمن قام بإنتاج مسلسل «صديق العمر»، لماذا جمال سليمان؟ هل نضب معين الممثلين المصريين وجفّ حقل الإبداع المصرى الخصب حتى يُختار جمال سليمان لأداء دور جمال عبدالناصر؟! جمال سليمان لا يتشابه معه فى أى شىء إلا فى الاسم الأول، ليس ضرورياً شبه الملامح، ولكن شبه الروح، القدرة على تقمص روح وكاريزما عبدالناصر، للأسف جمال سليمان كلما ينطق جملة ويحزق ويفتعل ويضغط على الحروف ويحاول اصطياد اللهجة المصرية تتوه منه الكلمات ويستنفد طاقته التمثيلية فى محاولة إتقان اللهجة، ونحس أننا أمام ناصر لكن وهو يعانى من إمساك مزمن! ليه كل تعب القلب ده، مهما فعل باسم سمرة والمخرج والمؤلف وطاقم العمل من جهد فقد كُتب على هذا المسلسل أن يُولد ميتاً بسبب جمال سليمان، ظلم نفسه وظلمه من اختاره فهو ممثل جيد، ومن الممكن أن نقبله فى الأدوار الصعيدى لأن لكنته ولهجته تتوه فى اللهجة الصعيدية، ومن الممكن أن يبذل الممثل المصرى جهداً هو الآخر لاستحضار اللهجة الصعيدى، إذن لا فرق ملموس سنلاحظه فى الصعيدى، لكن عندما نتصدى لأداء دور عبدالناصر لا بد أن نتريّث ونتروى ونحسن الاختيار، خصوصاً أن العمل منذ أن كتبه المرحوم ممدوح الليثى، وهو فى بؤرة الضوء والجمهور يترقّبه ومكتوب له كل عناصر النجاح، خصوصاً أن صداقة «ناصر وعامر» مادة خصبة وثرية ونموذجية للدراما والتأرجح ما بين قمة الصداقة والوفاء وقمة الخصومة والعداء فى النهاية، التى وصلت إلى اتهام أحدهما بقتل الآخر، أين ستجد دراما أجمل وأعمق وأغنى من تلك الدراما؟ للأسف ضاع هذا النجاح وتبخر بسبب «الكاستنج» السيئ للبطل الذى هو نقطة ارتكاز العمل، ولنقارن بين اختيار الأمريكان لأدوار عمر الشريف الذى سجنوه تقريباً فى دور غير الأمريكى، أشهر أدواره إما عربى وإما من أمريكا اللاتينية وإما روسى.. إلخ، والسبب هو لكنته رغم أنه كان يتحدث الإنجليزية بطلاقة، إلا أن المخرج كان يخشى من أى لكنة أو سقطة بسبب اللهجة، والغريب والعجيب أن معين التمثيل المصرى والإبداع فى المحروسة لم يفلس أو ينضب أو يجف بعد، وهناك ممثلون مصريون عتاولة جسدوا دور ناصر من قبل بمنتهى الروعة والصدق، ولم يخشوا تمثيل الدور بعد أن جسّده غول التمثيل أحمد زكى، هذه هى القائمة أقدمها لمنتج ومخرج هذا العمل لعله قد نسى أو تناسى، القائمة بها خمسة ممثلين قدّموا دور الراحل جمال عبدالناصر فى السينما والدراما العربية، وبعد وفاته بما يزيد على 25 عاماً، قدّمت فيها السينما فيلمين عن «ناصر» هما «جمال عبدالناصر» إنتاج عام 1999 من بطولة خالد الصاوى وإخراج وسيناريو وحوار المخرج السورى أنور القوادرى، و«ناصر 56» إنتاج عام 1996 من بطولة أحمد زكى، سيناريو وحوار محفوظ عبدالرحمن، ومن إخراج محمد فاضل، ومسلسل واحد هو «ناصر» إنتاج عام 2008، من بطولة مجدى كامل، سيناريو وحوار يسرى الجندى، ومن إخراج السورى باسل الخطيب، بينما ظهرت شخصية جمال عبدالناصر كشخصية رئيسية فى مسلسلات «رد قلبى»، «فارس الرومانسية»، «أم كلثوم»، «العندليب»، و«أوراق مصرية»، وأداها فى المسلسلات الثلاثة الأولى رياض الخولى، وفى «العندليب» مجدى كامل، وفى «أوراق مصرية» نبيل الحلفاوى. أستطيع أن أقول الآن وبمنتهى راحة الضمير إن ما شاهدته على الشاشة هو عبدالناصر التايوانى!